"فضل شاكر بين الأضواء والاتهامات.. رحلة نجم من القمة إلى العزلة ثم العودة"

 الفنان اللبناني الذي أسر القلوب بصوته، وجد نفسه في قلب العواصف السياسية والأمنية.. فهل تنجح عودته في محو ما مضى؟

الفنان فضل شاكر


لم يكن اسم الفنان اللبناني فضل شاكر مجرد عنوان لأغانٍ رومانسية حفرت في وجدان جيل كامل من المستمعين العرب، بل كان رمزًا للهدوء، والإحساس، والرقيّ الفني. ومع بدايات الألفية الجديدة، تربّع شاكر على عرش الطرب الرومانسي، محققًا نجاحات طاغية في العالم العربي، قبل أن تتغير ملامح حياته فجأة، وينقلب المشهد من المسارح والألبومات إلى ساحات القضاء والجدل.

في أوائل العقد الثاني من الألفية، وبعد اعتزاله الفن عام 2012، دخل فضل شاكر منعطفًا حادًا حين أعلن انضمامه إلى الشيخ أحمد الأسير، أحد أبرز الشخصيات السلفية آنذاك في لبنان، ما وضعه في صدام مباشر مع السلطات اللبنانية، خاصة بعد أحداث عبرا الدامية في صيف 2013، والتي راح ضحيتها عدد من عناصر الجيش اللبناني، واتُّهم شاكر بالمشاركة فيها، رغم نفيه لاحقًا.

خلال سنوات التواري، ظل فضل شاكر على الهامش، بين الاتهامات والظهور الإعلامي المتقطع من أحد مخيمات اللاجئين في صيدا، حيث كان يظهر في مقابلات مصورة لينفي التهم المنسوبة إليه ويؤكد براءته، معبّرًا عن رغبته في العودة إلى الفن والحياة الطبيعية، لكن الشارع اللبناني والعربي ظلّ منقسمًا حوله.

وفي تطوّر لافت، بدأت ملامح العودة القانونية تلوح في الأفق منذ عام 2021، عندما صدر حكم قضائي يقضي ببراءته من بعض التهم، وتخفيض العقوبات في أخرى، ما أعاد الحديث بقوة عن إمكانية عودته للساحة الفنية، خاصة بعد أن بدأ يُصدر أغاني جديدة عبر المنصات الرقمية، وحقق بعضها أرقامًا ضخمة من المشاهدات، لتتحول مجددًا إلى "ترند" عربي.

أغاني مثل "ابقى قابلني"، و"عز الغياب"، و"لحظة لقانا" كانت بمثابة رسائل فنية من فضل شاكر لجمهوره القديم والجديد، مؤكدًا أن صوته ما زال قادرًا على المنافسة، بل والهيمنة أحيانًا على المشهد الرقمي في ظل غياب الحفلات المباشرة.

لكن عودته لم تمر مرور الكرام، فبينما احتفى قسم من الجمهور العربي بـ"عودة الصوت الجميل"، رأى آخرون أن هناك قضايا لم تُحسم بعد، وأن الفن لا يجب أن يُستخدم ستارًا لتجاوز المسؤوليات أو التملص من تبعات الأحداث الدامية التي عايشها لبنان خلال تلك الفترة.

وبرغم الجدل، فإن المشهد الحالي يشير إلى أن فضل شاكر يتجه بخطى واثقة نحو استعادة جزء كبير من بريقه الفني، مستفيدًا من تعاطف شريحة واسعة من جمهوره الذي يرى فيه فنانًا أخطأ لكنه لم يفقد صوته، ولا قدرته على التعبير عن مشاعر الملايين.

وفي مقابلاته الأخيرة، يؤكد شاكر أنه طوى صفحة الماضي، وأنه اليوم أكثر نضجًا وقربًا من جمهوره، ويأمل أن يُمنح فرصة جديدة لا ليثبت براءته فقط، بل ليستعيد مكانته كواحد من أبرز أصوات الطرب العربي في العقدين الأخيرين.

ويبقى السؤال: هل ينجح فضل شاكر في مسح آثار ما جرى، وبناء جسر جديد بينه وبين الجمهور والإعلام؟ أم أن الظلال الثقيلة للماضي ستظل تلاحقه رغم نغمة الحب والسلام التي تحملها موسيقاه؟

تعليقات